adsense

2021/06/20 - 5:14 م

بقلم عبد الحي الرايس

ضِفافُه تستقبلُ أتربةً زاحفةً كاسحة، أشجارُهُ تموتُ مختنقة واقفة، مياهُه راكدة آسنة، تطفو عليها عشبة متطفلة طاغية، صُورتُه تتبدَّلُ باهتةً حائلة.

هو يستعيدُ الماضي، والأيامَ الخوالي، والنبعَ الصافي، والزورقَ الطافي، والصفصافَ الزاهي، والموْكبَ المُتهادي، وينعطف وفي عينه دمعة، وفي قلبه حسرة، وفي مساره هجمة، لا تُقيم له وزْناً، ولا تَرْعَى له حُرْمَة.

يَعْتُبُ على القاصي والداني التماديَ في الإغفال والتغاضي، ويلومُ المُجْترئ على التطاول والتَّرامي، والمُستغل الجاني على الاكتساح والتمادي، ولا يَملكُ إلا أن يستغيث ويستجير، بكلِّ مسؤول ورقيب، وكلِّ مواطن زائر أو مقيم، لا يسْألهم غير إطلالةٍ ومُعاينة، وجولةٍ كاشفةٍ شاهدة، تُنبئ الجميع أن الوادي في مُنطلقه صافٍ شفيف، وأن ماءَهُ عذبٌ نمير، وأن مَجراه واعد بالخير العميم، وباستعادة المجد الأثيل، فقط يستدعي الأمرُ هبَّة لإيقاف النزيف، وتجفيفِ مصادر التلويث، وإنقاذِ حُرمة الوادي، وتكسيتها بالخضير والتشجير، وحماية مجراه حتى لا يعبث به كل مُعتدٍ أثيم.

غير أن مما يبعث الأمل أنك في تتبعك للمسار، وتَنَقُّلِكَ بين الجسور والضفاف لا تلبثُ أن تُفاجأ بمقاطعَ تزهو بوارف الظلال، وبرائع الاخضرار والإزهار، مما يقومُ شاهداً على أن التداركَ مُمْكن، وأن فرصة الإغاثة والنجدة ليست بالأمر المستحيل.

وتظل الْعُتبَى على ساكنة ألهاها الواقعُ المَعِيش، وإدارةٍ أنساها اليوْمِيُّ الرتيب.

وبعد، فها هو ذا النهرُ يتهادى، وأطيافُ المعنيين تتنادى، لمبادرات تتلاحقُ وتتدانى

ولو أن كلاًّ أدلى بدلوه، بإمكاناته وتحرير إرادته، لاسْتردَّ الوادي عافيتَه، ولتحقق الحُلمُ المشروع بِمُتَنزَّهٍ يملأ الضفاف، ويَصْحبُ النهر على امتداد مجراه، مُغْرياً الجميعَ بالتنزُّهِ والاِرْتيَاد.