بقلم الأستاذ حميد طولست
وفي تطور جديد للصراعات اللا أخلاقية التي
تتخبط فيها مختلف اﻷحزاب اللاهتة وراء الكعكة الوزارية ، بدون كفاءة أو موهبة أو عمل
والمعتمد في توزيعها على سلوك "باك صاحبي" ، جاء الخطاب الملكي التاريخي
بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء ، موافقا لما ينتظره الشعب المغربي من عاهله ، وكأنه
نصره الله وأيده ، شق على قلوب المغاربة ، خاصة في الشق المتعلق من الخطاب بتشكيل الحكومة
وما صاحبها من قيل وقال سياسي ، خلال مشاورات والمفاوضات التي خلفت قلقا وخوفا لدى
المواطن من تلاعب التحالفات الهجينة -التي تعطي الأولوية للحسابات السياسية على حساب
المصلحة العليا للوطن والبرامج الجادة والواضحة - بإرادة الشعب ، فتفرز تشكيلة حكومية
جديدة هي إمتداد لسابقتها ، الأمر الذي لم يطمئن منه إلا بقرار حرص الملك على تشكيل
الحكومة المقبلة طبقا للمعايير التي يختار بها
نصره الله وأيده مساعديه ، والبعيدة كليا عن الاعتباطية و العاطفي و التي لا
تخضع للمحسوبية والصداقة والمجاملة، ولا تتم إلا عن علم وخبرة وحنكة ودراية، ووفق منهجية
صارمة تضع الرجل المناسب في المكان المناسب،
عن جدارة واستحقاق ، لأن الأمر لا يتعلق بتسيير ضيعة فلاحية ، وإنما بتدبير
شؤون دولة وأمة ، يحتاج إلى حكومة جادة وفعالة ومسؤولة ببرنامج واضح تتلاءم مع الأولويات
المحددة للقضايا الداخلية والخارجية ، حكومة قادرة على تجاوز الصعوبات التي خلفتها
السنوات الماضية فيما يخص الوفاء بالتزامات المغرب مع شركائه، بهيكلتها الفعالة والمنسجمة
، وكفاءاتها المؤهلة في كل اختصاصاتها القطاعية المضبوطة.
وللحصول على حكومة من هذا القبيل ، فعالة
ومنسجمة ، ينبغي أن لا تكون مسألة حسابية تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية ، وألا تكوين
أغلبية عددية وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية، وأن يعتمد في تشكيلها على ذوي
الإمكانات الكبيرة والمؤهلات الفذة ، والأدمغة والعقولا والخبرات والكفاءات العلمية
والمهنية والاخلاقية ، التي تزخر بها مؤسساتنا
ووزاراتنا بل وتضيق بهم ، لكنها مركونة في المكاتب وتعيش أقصى مراحلة تحيز حزبيين لكوادر
الخازية، وتآمر الشخصيات ، والزعاماتيات الضعيفة وغير المقنعة على ذوي الإمكانات الكبيرة
والمؤهلات الفذة ، العلمية والمهنية والاخلاقية ، والتي ليس في مصلحتها أن تكون في
أمكانها المناسب ، ما أغرق المغرب بالفاسدين وناهبي المال العام الذين لم يتركوا للشعب
إلا الفتات ..