adsense

2023/04/11 - 3:17 م

بقلم عبد الحي الرايس

ألِفَتْ شوارعُ المدينة المغربية وساحاتُها تَنوُّعاً في الأشجار، بعضها ينشر وافر الظلال: دُلبٌ ودَرْدار، صنوبر وصفصاف، وبعضُها يُتْحِفُ بِبَهيِّ الألوان، وأريج الأزهار: نارنج وجكرندة وأرجوان، وبعضُها الآخرُ يُعْطي وافر الغلال: توتٌ وزيتونٌ وسِنْديان.

وزخرت الواحاتُ في صحراء المملكة بنخيلٍ يُبهج بالتكاثف والحضور، ويجود بتنوُّعِ وشَهِيِّ التُّمُور.

وكان التوجُّهُ في كل مدينةٍ نحو إعداد تصميمٍ أخضرَ يستحضر التنوع، ويُلائم بين كل فضاء، وما يناسبه من أشجار، ثم تكونُ التعبئة للتشجير، والسهرُ على الصيانة والتقويم.

إلى أن طرأتْ على المدينة نخلة تُعرف ب (الواشنطونيا)، تسلَّلَتَّْ بدءاً في إطار من إبراز التنوع والاستئناس، ثم سادت وتمَكَّنَتْ، وصارت من أجلها تُقتلَعُ مُختلِفُ عَيِّناتِ الأشجار، لِتُعوَّضَ بواشنطونيا تتعالى نحو السماء، كالمكنسة العجفاء، لا تُزْهِرُ، ولا تُظِلُّ، ولا تُثْمِر.

جِيءَ بها هكذا في عِنَادٍ وإصرار، وصارت تكتسح الشوارع والساحات في الشرق والغرب، والوسط والجنوب والشمال، تُرْصَدُ لها الاعتمادات، ويُبرمَجُ لها الحضورُ في الصفقات، ليصير ما عداها من أشجار في خبر كان.

ويتطلع الناس إلى مُتعَةِ الإيراق والإزهار في الربيع فلا يرون له مَلْمَحا، ويلتمسون الظل في عِزِّ الصيف فلا يجدون له أثرا .

ويَسأل السائل: ما الذي دها المدينة المغربية حتى فقدتْ خصوصيتها وهُويتها، وصار تعميمُ الواشنطونيا ضِدّاً على أصالة البلاد، ومُصادرة تراثها النباتي هاجسَ مسؤوليها ومُدبِّريها؟

فهلاَّ كانت الصحوة؟ وهلاَّ تمَّ تداركُ الأمر بالتصحيح والأوبة؟