adsense

2022/07/13 - 7:07 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

مع التقدم في العمر يكتشف الإنسان أن الكثير من محطات حياته ما كانت تستحق كل ما ذل من أجلها منال مجهودات والتضحيات  التي كانت مضيعة للوقت والجهد والعلاقات والفرص، ومن أغرب المفارقات التي تصل حد المأساة ، رغبة الإنسان المفرطة في مقتبل عمره،  تسريع حركة الزمن ، واستعجاله حرق الأوقات ، وطموحه الطاغي في اختزال حاضر - سواء عاشه في رفاه وسعادة، أم قضاه في شقاء وتعاسة -  وتطلعه الملح لمغادرة راهنه والإنتقال منه مباشرة إلى فضاءات المستقبل ، الذي قضى شطرا من حاضره في اشتهائه ، وسيقضي شطرا من مستقبله في التأسف على حاضره ، الذي لم يعرف كيف يوازن بينه وبين ماضيه ، والذي -وهو من أغرب المستغربات، أنه حين يكون على مقربة من تخوم طموحاته ، وعلى مشارف تحقيق مبتغياته - تراه ، متعلق به في صبايانية جامحة، ومشدود بحنين هستيري لكل ما انسلخ من ذكرياته الطفولية ومرابع صباه وشبابه ، وما مر به فيهما من  لهو وحبور والذي صار مع الزمان ماضيا لا يمكن حسابه لا بالثواني، ولا بالدقائق، ولا بالساعات، ولا بالأيام، ولا بالشهور، ولا بالسنين ، ولا بغيرها من مقاسات الزمان التي لا تعرف سيرورته التوقف عن قضم حبل الحياة وتجسيد النهايات ، ومواعيد الوصول إلى المحطة الأخيرة التي يتحتم على الجميع التهيؤ للنزول بها للمغادرة النهائية التي يصير معها كل شيء ماضيا، خارج ما اصطلح على تسميته بـــ "الزمكان" المناقض في حقيقته لما يراه المرء من خلال عدسة حالته النفسية التي يرى بها الأشياء كما تبدو له، لا كما هي عليه في واقع سيرورة حركة الزمن التي يُتعامل معها من خلال عواطفه المحكومة بالأهواء والتطلعات السرابية البعيدة عن الواقع المعاش ، والتي تشيع اليأس، وتُكرِّسُ الشعور بالإحباط وخيبة الآمال ، وتقوي مشاعر الغضب وحدة المزاج ، وتدفع إلى التظلم والتدمر والشكوى ، أصل كل داء وبلاء ، وأساس تدمير العلاقات ، وتخفيض مستويات التمع بالحياة .

ملاحظة لتذكير فقط :ليس فيما أوردتُ من عرضٍ ، اتهامٌ أو تجريدٌ أي كان، أو انتقاصٌ من قدره أو إساءة لمقامه ، كما يمكن أن يتبادر لبعض الأمخاخ المصابة بالأمراض السلوكية المروعة ، وسلام على كل قُارائي المحترمين ..