بقلم الأستاذ حميد طولست
في هذا السياق، أثار المعلق الرياضي
محمد علي، أحد الأصوات التي ظهرت عبر شاشة "بي إن سبورتس"، موجة من
الانتقادات، ليس من المغاربة وحدهم، بل حتى من شريحة من الجمهور المصري، بسبب
انحيازه الواضح للمنتخب التونسي خلال المباراة المذكورة، وتعليقاته التي افتقرت
للموضوعية ومالت نحو التقليل من الأداء المغربي رغم التفوق الميداني والنتيجة
العريضة.
وهو مشهد يعيد إلى الأذهان نماذج أخرى،
كمثل المعلق حفيظ دراجي، الذي اشتهر بمواقفه المتحفّظة – إن لم نقل المتحفّزة –
تجاه كل ما هو مغربي، وكأن تفوّق المغاربة في الرياضة بات مصدر تهديد شخصي أو عقدة
مزمنة لبعض الأصوات الإعلامية العربية.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يثير
تألق المنتخبات المغربية هذا النوع من "الحساسية" الإعلامية؟ أهو غياب
الروح الرياضية، أم هو نتاج لمنظومة إعلامية تسيرها الحسابات السياسية والنرجسية
القُطرية أكثر من حرية الرأي والمهنية؟
الواقع أن المنتخبات المغربية، من
الفتيان إلى الكبار، فرضت احترامها على الساحة الدولية، ليس فقط بالنتائج، بل بفضل
تكوين احترافي، ومراكز تدريب عالية المستوى، واختيارات فنية مدروسة. وهي إنجازات
تستحق التقدير والتشجيع لا الحسد أو التقليل، خاصة حين تأتي من أبناء نفس الرقعة
الجغرافية واللغوية.
الجمهور المغربي، في المقابل، لا يحتاج
إلى شهادة من أحد، فقد تعوّد أن يرد في الملعب، حيث تُكتب الرواية الحقيقية بعيداً
عن الميكروفونات المتحيّزة. كما أن الجمهور العربي الأوسع، وفي مقدمته المصري
الواعي، يدرك الفرق بين الحياد المهني والانزلاق العاطفي، وبين التعليق النزيه
والتشويش المغرض.
إنه زمن المغرب الرياضي، شئنا أم أبينا. وزمن تفرض فيه الكفاءة والنتائج كلمتها. أما الأصوات التي تزعجها الحقائق، فلتعلم أن "كيدها سيرتد في نحرها"، وأن الجماهير لم تعد تصغي إلا لصوت الانتصار، ووقع الأقدام على العشب الأخضر.