adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/05/15 - 5:57 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

في صمت المجلس الوزاري الأخير، لم يكن هناك خطابات رنانة، ولا وعود فضفاضة، فقط سؤال بسيط من جلالة الملك لوزير الفلاحة:

"ما تأثير الأمطار على القطيع؟"

قد يبدو السؤال عادياً، عابراً، لا يثير ضجة إعلامية. لكن في قاموس السياسة المغربية، هذا النوع من الأسئلة نادراً ما يُطرح عبثاً.

وراءه عدم ثقة صريحة في الأرقام المزوقة، وشكوك عميقة في أن الدعم الذي صُرف على مدى سنوات لم يصل حيث يجب، بل ربما اختُزل في تقارير تُغذيها لغة "الإنتاج القياسي"، و"نسبة التغطية"، و"النجاعة".

القرار الملكي لم يتأخر في نقل مفاتيح عملية إعادة تكوين القطيع إلى وزارة الفلاحة لوزارة الداخلية وبمعايير موضوعية، تحت إشراف السلطات المحلية."

هنا، يحدث ما يمكن وصفه بتحول إداري ذي حمولة سياسية كبيرة:

نُزعت المفاتيح من وزارة الفلاحة، ووُضعت في يد وزارة الداخلية.

لماذا؟

لأن وزارة الداخلية، ببساطة، تعرف الناس، لا الأرقام.

القياد، المقدمين، الشيوخ... يعرفون من يملك نعجة واحدة ومن يدّعي امتلاك قطيع وهمي، من يلهث خلف كيس شعير، ومن راكم الثروة باسم الدعم.

يعرفون القرى التي لم ترَ العلف المدعوم إلا في الصور، والأرامل اللواتي بعت ماشيتهن في صمت، والجبال التي لم تصلها "السياسات العمومية".

نهاية عهد الأرقام، وبداية مساءلة "الفراقشية"

هذا القرار ليس إدارياً فقط، بل هو إعلان نهاية مرحلة كاملة. مرحلة كان فيها "تكوين القطيع" مَعبراً للاغتناء، ومصدر رزق لفئة تعيش على تدوير الأموال المنهوبة.

أولئك الذين استغلوا مناصبهم، وقربهم من القرار، أو ذكاءهم في التحايل على المنظومة، ليفوزوا بما ليس لهم.

هؤلاء هم من يمكن وصفهم بـ"الفراقشية الجدد":

ليسوا بالضرورة تجار أسواق، بل موظفون، سماسرة، وسطاء، متحكمون في سلاسل الدعم، يعرفون كيف يوقعون العقود، ويملؤون الخانات، ويُقنعون المانحين بأن كل شيء على ما يرام.

لكن، حين يسأل الملك عن المطر، فهو في الحقيقة يسأل عن العدالة.

عن الريف الذي لا يُذكر إلا في التقارير، وعن الجبل الذي لا يصل إليه سوى البرد.

عن الفلاح الذي تعب وانتظر، وسُجل اسمه في برامج لم يسمع بها أصلاً.

الأمل... مع شروط

نعم، قد يكون هذا التحول مجرد خطوة أولى.

وقد لا يكون كافياً ما لم يُقترن بالمحاسبة.

لكن الأكيد أن الرسالة واضحة:

من لا يعرف الناس، لا يحق له أن يُقرر نيابة عنهم.

ومن استغل دعم الدولة ليربح، عليه أن يُحاسب.

ربما... وربما فقط، يبدأ عهد جديد.

عهد يُعيد للفلاح نصيبه، ويُعيد للوطن كرامته في الميدان، لا في البلاغات