adsense

2021/02/16 - 9:57 ص


 بقلم الأستاذ حميد طولست

غريب أمر المتأسلمين ، يقذفون بالإنسان المسلم العربي خارج إنسانيته ، باستقباحهم لممارسته لمشاعر المحبة بكل معانيها وقيمها السامية التي فطره الله عليها ، ويحرمونه من الاستمتاع بما أتاح له سبحانه وتعالى منها عرفا وقانونا وشرعا، بحجج ساذجة لا يصدقها العقل الناضج ، وإدعاءات واهية لا يقبلها المنطق السليم ، لارتكازها أساسا على ما تعودت عليه العقول المتخلفة من نظرية مؤامرة تقليد الغرب الكافر وغزوه الفكري والثقافي ، وتحت ذريعة "أنه لا حب إلا لله"، الأمر الذي لا يجادل فيه أحد ، كأن حب الله يمنع حب غيره من مخلوقات الله ، والذي ما بعث أنبياءه ورسله إلا لنشر الود والمحبة والتعارف بين عباده ، بدليل ورود لفظة الحب ومشتقَّاتها في القرآن أربعٍ وثمانين مرة للإخبار عن حُبِّ الله لعباده ، وحُبِّهم إياه ، والتي منها قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)(آل عمران/31) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)(مريم/96) ، وقوله تعالى : (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)(هود/90) ، وقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج/14 ) وقوله جل وعلا لكليمه موسى: "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي " طه 39 ، وكما جاء في الحديث الشريف قوله رسولنا ونبينا صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا" رواه مسلم. فما الذي يمنعنا من مشاركة هذا العالم الذي نحن جزء منه في الاحتفال بتلك المعاني الجميلة التي يقدرونها ويحتفون بمن يجلها، ونمارس معهم ذاك السلوك الإنساني الايجابي الذي يوحد الناس ، ويهذب الطباع ، ويرقق المشاعر ، ويبعد عن وحشية الكراهية وشرور الحقد، ويساهم في خلق الفرح والبهجة والسرور، دون أن نقحم تشريعات المتطرفين المتصحرة التسطيحية المتشددة في جوهر ما يعنيه الحب وعيده ، الذي لا يرفضه إلا من يرفض الحب نفسه، ويكره الفن والجمال وكل ما يتصل بهما من معانٍ وقيم إنسانية سامية، ويعشق الحقد والكراهية اللذان يفتحان أبواب الشرور كلها، والتي لا يقضي عليها إلا نقيضها "الحب" وحده ، الذي لا ينحصر ضمن إطار واحد أو اتجاه واحد أو شخص واحد" امرأة ورجل أنثى وذكر" فقط، ويعني أمتع وأرق المشاعر التي تصيب الإنسان، وأكثر التجارب التي تؤثر في نفسه تأثيراً عذبا، والذي الأصل فيه الإباحة لا التحريم ، كرابط طبيعي عجيب ينمي بذور العطف والخير والشفقة في النفوس، ويعفي الناس من التملق والنفاق، والضيق بالمخطئين، ليعيش الجميع في جو من التسامح والود والوئام الذي من المفترض أن يهيمن على أي علاقة إنسانية تجعل الناس كالشموع تذوب كي يعيش الآخرون في تواد وتضامن وتعاون وتآزر وتعاضد، كغاية كقصوى نزلت من اجلها كل الديانات السماوية وعلى رأسها الإسلام الذي لا يوجد دين أكثر منه حثا لأبنائه على التحاب والتواد والتآلف وإظهار عاطفة الحب، وأوجب الله علينا نشره وإفشائه على أوسع نطاق كما جاء في الحديث الشريف "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه" رواه أبو داوود والترمذي وهو صحيح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا » رواه البيهقي أن الحب سر الوجود والسبيل المؤدي لدخول الجنة، والتظلل بظل الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله ، وكل عيد حب وانتم طيبين متحابين متصالحين..