adsense

2016/05/30 - 12:54 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
ليس غريبا أن يعرف مجتمعنا في السنوات الأخيرة ، ارتافعا ملحوظا في نسبة التدوين وكثرة المدونين ، لكن الأغرب منه أن يقابل ذلك الارتفاع بعداوة كبير من الكثير من الجهات العامة والرسمية، وبتفاقم ملفت لعدوانية شديدة تجاه المدونين من طرف من تتلبسهم نظرية المؤامرة، ويضيق بهم الحال بسبب كلمة في مقال، أو عبارة في عمود، أو إشارة في تحقيق ، الذين يدعون  لمطاردتهم ،  وقطع ألسنتهم ، وتكميم أفواههم ، وكسر أقلامهم -كما فُعل في الماضي مع خيرة الكتاب والصحفيين - بدعوى المس بكرامتهم بالقذف والتشهير بحياتهم الخاصة ، وبتهمة نشر المعلومات المغلوطة الضارة بمصالح البلاد .
بينما حقيقة هذا النوع من الصحافة الجديد ، هو أداة كشهود عيان على المسيرات والإعتصامات وباقي التظاهرات والحوادث المجتمعية ، فعالة في نقد مواطن الفساد ، وتعرية مكامن الخطر، وإسقاط الأقنعة المزيفة ، وكشف ما يغطيه الإعلام الرسمي "المخدوم" من جهل وتخلف الحكومات وتواطئ رجال السياسة وكل مهندسي تضليل بسطاء الشعب الذي لاحول لة ولا قوة له.
وذلك لتواجد أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية في كل مكان ، كشهود عيان على المسيرات والإعتصامات وباقي التظاهرات والحوادث المجتمعية ، وحضور كتابها ومحرريها في كل المناسبات ،كجواسيس على الحوادث والأحداث التي تحدث هنا وهناك ، وتفاعلهم معها ، حتى تكون دروسا وعبرة  لمرتكبيها ، والتراجع عنها  إن كانت خاطئة ، أو تبريرها إن كانت على صواب ، كالحدث الخطير ، المتعلق بجريمة تشغيل القاصرات ، الذي حاولت الحكومة والبرلمان تمريره ، بالمصادقة عليه بالإجماع في مجلس النواب ، لولا تداوله مؤخرا من طرف مجموعة من المواقع الإخبارية الإلكترونية وتفاعل الكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي معه ،الأمر الذي خلق جدلا واسعا على الفايسبوك ، ما أثمر في فضح ما يتضمنه ذلك القانون/المهزلة ، من انتهاك للاتزامات المملكة المغربية اتجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ودستور المملكة ، والإرادة الملكية السامية في مجال حماية حقوق الأطفال وتعزيز رفاهيتهم ، وعجل بتدخل المرصد الوطني لحقوق الطفل الذي ترأسه الأميرة مريم ، والذي اعتبر أن المصادقة على هذا القانون،  تشكل صدمة كبرى وإحباطا للمهتمين بالدفاع عن حقوق الأطفال في التعلم والحماية والمساواة بين أبناء وبنات الفقراء والميسورين من أجل مستقبل زاهر، منذ مصادقة المغرب على الاتفاقية الأممية منذ 25 سنة وقبل ذلك.
التدخل الذي لم يحبط مخطط واضعي قانون تشغيل الأطفال في المنازل وكافة المصادقين عليه في مجلس النواب من البرلمانيين الموالين للحكومة ومعارضيها ، فقط ، بل المأساة هو أنه جعلهم ، وفي منظر مؤسف ، يتنصلون من تحمل مسولية فعلهم ذلك -بما فيهم بنكيران ، باعتباره رئيس الحكومة المتحمل لكامل المسؤوليات ، والذي لا شيء يمر بعيدا عن مسؤوليته- والأكثر مأساة منه ، هو تبجح أكثريتهم ، وزراء وبرلمانيين ،أغلبية ومعارضة ، بأنهم ضد تشغيل القاصرات ، مباشرة بعد تدخل الأميرة للا مريم لإعادة مشروع القانون إلى بدايته، حتى يتم تعديل المواد المتعلقة بتشغيل الأطفال القاصرين ، الذي صوتوا عليه بالاجماع ، ويضعون سبّاباتهم في آذانهم غير مبالية بصرخات الهيئات المدنيّة واجتجاجات نشطاء المواقع الاجتماعية عليه ، وكأن الأشباح هي التي صوتت بذلهم ، على القانون 19 12 داخل لجنة القطاعات الاجتماعية لمجلس النواب .
إن هذه الواقعة لتؤكد حقيقة واحدة لا غبار عليها ، يعرفها الصغير قبل الكبير، وهي أن كل هذا الكائنات التي تسمي نفسها بـ"السياسية" والتي تؤرق مصاجعنا بما تملأ به الساحة من جعجعة بلا طحين ، ليست في حقيقة أمرها وبكل فصائلها اليمينية واليسارية والإشتراكية والشيوعية والإسلاموية ، سوى مجرد كراكيز ، لاحول لها ولا قوة  !!