adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/04/11 - 9:52 م


  بقلم الأستاذ حميد طولست
استطلاعات الرأي والاستفتاءات والاستحقاقات الانتخابية-الحر والنزيه بطبيعة الحال- سلوك طبيعي في التجارب الديمقراطية، يقوم بها الإعلاميون المختصون والمعاهد المتخصصة في إستطلاعات الرأي للإنصات الهادئ لتطلعات وأماني الشعوب الديمقراطية المطلوب رأيها في الخيارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعروضة عليها ، منها تستمد السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية مشروعيتهما ، بل هي أقوى الوسائل المستخدمة للتثبيت شرعية الفاعلين السياسيين الذين يدركون أن شرعيتهم، من قمة الهرم إلى قاعدته، مرهونة بحصيلة نتائج الاقتراعات المفتوحة على كل الاتجاهات ، ويضرب المثل بسويسرا في كثرة الاستفتاءات واستطلاعات الرأي ، التي لا يكاد يمر فيها شهران أو ثلاثة، إلا ويجرى فيها استفتاء الناس في شأن من شؤونهم. من إقامة الجسور وتصدير السلاح للخارج إلى استقبال الطائرات في الليل في المواعيد التي لا تسبب إزعاجاً للسكان والحيوانات النائمة.
مناسبة هذه المقدمة ، هو اني تلقيت دعوة من الإعلامي والصحفي المقتدر الأستاذ الجليل عزيز باكوش ، لإبداء الرأي في نتائج انتخابات أكتوبر المقبل ، والتكهن بمن سيحصل فيها من بالأغلبية ، ورغم أني لا أحب الخوص في مثل هذه التجارب ، لقلة ذربتي وحساسيتها ، فقد شاركت بهذا المساهمة المتواضعة التي ارتأيت نشرها ربما لتعميم النقاش وتركيزه حولها .
السلام الصديق والزميل عزيز.
أستاذي العزيز: رغم أن التوقعات والتكهنات الإنتخابية ، لا يقوم بها إلا المختصون والمعاهد المتخصصة في إستطلاعات الرأي ، فلا بأس من المغامرة ، مادام الأمر يتعلق بسياسة تخص بلد أنا منه وفيه وعلى عهده ووده ، ونزولا عند رغبة الزميل والصديق عزيز.
إن التكهن بحصول الحزب الحاكم على الأغلبية في انتخابات أكتوبر المقبل ، ليس بالشيء السهل ، ولا الأمر الهين ، لأنها انتخابات لاشك ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات ،  لما تشكله من اختبار صعب لأحزاب الأغلبية والمعارضة على حد سواء، وعلى الخصوص حزبي الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال اللذان أعدا ما استطاعا  إليه سبيلا من القوة ، لمواجهة وارهاب بنكيران بشراسة.
قلت أيها الأستاذ الجليل : "لمواجهة بنكيران" ولم أقل "مواجهة حزب العدالة والتنمية " لأن الصراع في القادم من الانتخابات ، سيكون صراعا شخصيا قبل أن يكون صراعا مؤسساتيا ، بحيث ينتظر أن تكون الانتخابات مجرد تصفية حسابات شخصية بين قادة الأحزاب الثلاثة ، عبد الاله بنكيران وإلياس العماري وحميد شباط -رغم تضاءل حظوظ شباط- الذين يعمل كل منهم ، وبلا هوادة على تسويد صفحة الآخر ، وتشويه سمعته أمام المواطنين  لاستمالتهم للتصوت ضده تصويتا عقابيا.
وما يزيد التكهن صعوبة ، هو استخفاف بنكيران بجدوى وفعالية تأثير استهداف كل من شباط والعماري لشعبيته ومسار حزبه الذي يراهن بكتلة حزبه الانتخابية القارة والملتزمة بالتصويت على مرشحيه مهما كان موقعهم في الحزب ، على الاستمرار في قيادة الحكومة المقبلة ، واطمئنانه لانضباطهم لمبادئ الحزب ولقرارات قيادته ، والتزامهم بقواعد نظامه الأساسي ونظامه الداخلي، وامتلاكهم لاستراتيجية تواصلية ممنهجة وفعالة تختلط فيها الآلية السياسية مع الدعوية مع الأخلاقية وحتى الديماغوجية.
وبناء على هذه المعطيات وغيرها كثير يديق المجال لذكرها كلها،  وعلى رأسها وأخطرها ، قرب بنكيران من المؤسسة الملكية ، حكم- كما يصرح بذلك - فإن فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات  أكتوبر المقبل ، هو الاحتمال الوارد والأقوى ، لأنه الأكثر حظا من بين الأحزاب التي ستنحصر فيها المنافسة على تولّي قيادة الحكومة المقبلة، والمشكلة من الثلاثيّ المتصدّر للانتخابات الجماعية والجهويّة دُونَ سواها من الأحزاب الأخرى ، كالتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الدستوري،  والتي ستخوض هي الأخرى هذه الانتخابات وتعمل على الحصول على نصيبها من المقاعد الحكومية ،  بدون رحمة أو شفقة أو أخلاق.
أما فيما يخص الاتحاد الاشتراكي ، الحزب الذي لعبه الأدوار طلائعية خلال عقود النضال الحقيقي ، من المعارضة والصراع مع المخزن، منذ استقلال المغرب ، فإنَّه ربما لن يشكل رقما صلبا أو صعبا ، في انتخابات سبعة أكتوبر، وربما سيفقد مكانته بين أحزاب المقدّمة  -إن لم يكن ذلك قد حصل- بعد أن تراجع أداؤه في الانتخابات المتتالية الأخيرة ، وينتهي به الحال إلى فئة الأحزاب الصغير ، إذا هو لم يُغيّر من بنْيته ، ويعيد التحامه بمرجعيته وقاعدته الشعبية، ويعيد النظر في إدارة الخلافات الناجمة ، التي حولت الاتحاد الاشتراكي من حزب يعبئ الجماهير إلى مشارك في الحكومة ، ويلائم خطابه السياسي مع الحياة السياسية الحالية ، ويكيفه مع ما يشهده المغرب والعالم العربي من تغييرات ، وخاصة بعد دخول التيار الإسلامي على خط المواجهة السياسية .