adsense

2019/10/08 - 12:39 م


بقلم حميد طولست
فشل محمد علي في بث الفتنة في مصر، نمودجا.
لو استعرضنا الانفجار الهائل الحاصل في عالم الكومبيوتر وتقنياته ، خلال القرن الماضي ، وتتبعنا تأثير تطوراته التكنولوجية المتسارعة على عوالم المعلومات عبر وسائل الإعلام ونظم الاتصالات ، والتي تضاعفت معها إمكانيات تضليل المتلقي وغسل دماغه ، وخداع وعيه أضعافا مضاعفة ، لأدركنا مدى سهولة صناعة وقائع غير موجودة وقلبها الى حقائق ومسلمات  ،بإمكانها تغيير القناعات ، والتشكيك في المبادء الوطنية والمعتقدات والمجتمعية وشرعية القضايا المصيرية ، وخلخلة إيمان النفوس ، وجعلها تكذب الصادق، وتصدق الكاذب ، ولأدركنا كذلك ما أهمية تأسيس جهات رقابية إعلامية متخصصة في التعرف على الأخبار المفبركة والشائعات الكاذبة ، والمتدفقة عبر وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي ، لتحقيق مصالح جهات بعينها ، ولتأكدنا من جدوى ضرورة ايجاد مؤسسات خاصة لمواجة وكبح ودحض الفبركة الاعلامية التي أصبحت أسلوب حياة لبعض المؤسسات الإعلامية والصحفية المتاجرة ، المتخصصة في الدعاية الكاذبة والتضليلية الخادعة لوعي المتلقي ، بما تفبركه من أخبار وريبورتاجات، وأشرطة وثائقية على المقاس ، وشهادات الرأي العام المدفوعة الثمن ، وغير ذلك من الممارسات اللاأخلاقية التي يستدعيها تضليل الرأي العام وضرب وعيه المجتمعي ، بغية إقناعه بتقبل ما يدبر له من مكائد ، الهدف والغاية التي فشل "مقاول الجيش"  في تحقيقها بنداءاته المحرضة على الخروج لزعزعة استقرار الشعب المصري، والنيل من رئيسه وقيادات جيشه -الذي رفض الجيش إسناد مشروعاته لشركة "أملاك" للمقاولات، عبر الأمر المباشر دون مناقصات - وذلك رغم زخم فيديوهاته وما واكبها من دعم ومساندة لامحدودة ، عكفت عليها اللجان الإلكترونية الإخوانية بكل ما أوتيت من امكانيات فرعونية لفبركة الأخبار المزورة واختلاق القصص الوهمية والفيديوهات المزعومة لمظاهرات قديمة تعود لأحداث سابقة ، للتشوية والتشكيك فى وطنية المصريين ، وتحريضهم على العنف والتخريب ، الذي قابله المصريون بيقظة كبيرة ووعي مرتفع ، جسدتها الخرجة الحاشدة في عموم البلاد ، المؤيدة لرئيسهم ، والمنادية باستقرار بلادهم ، والمنددة بأكاذيب خصومهم، والمرفقة بحملات تهكم وسخرية لاذعة ، كانت بمثابة صفعة مدوية ونكسة بينة ، أربكت المسؤولين على قنوات الفتنة ، وشلت مفعول ما تبثه من أكاذيب وتزييف الحقائق ،وفضحت مدى ضحالة تفكير الساهرين على ترويحها ، وسداجة أسلوب إدارتها ، وهشاشة مستوى تكوين الكيانات المستعملة في تطبيقها ، والمستغلة في تحقيق غايتاها ، أمثال "هبنقة*" "مقاول الجيش" الذي أُلبس جبة النضال من أجل الشعب ، بعد أن فشل في الحفاظ على ما كومه من ثروات ، وأخفق في استرجاع ما ألف من رفاه ، وما استساغ من غنى فاحش ، وما استمرأ من أبهة وفخامة ، والتي ترك من أجلها ما يجيد ، لإفتعال ما لا يجيد ، فلم يفلح في كلا الأمرين وظل عالقا في المنتصف ، لا يستطيع الرجوع لما كان عليه ، ولا المضي قدمًا فيما صار فيه ، فكان في ذلك "كغراب البين ضيع المشيتين" أو كـــ "بلارج اللي جا يداوي ولدو عماه" ، وإنطبق  عليه المثل الغربي الدارج :"جارها وجلس عليها" والمقولة الشهيرة "على الباغي تدور الدوائر" والتي أقرها سبحانه تعالى في قوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ " (يونس:23) ، وأختم بمال يقال في مثل هذه المناسبة : "رب ضارة نافعة" ..
*هوامس: هبنقة من الشخصيات التاريخية التراثية كجحا وأشعب ، ويقال أن اسمه الحقيقي هو يزيد بن ثروان القيسي الملقب بـ"ذو الودعات" من بني  قيس بن ثعلبة ، وكان يضرب به المثل في من تجاوز حدود الحمق وفقد الإدراك والوعي المنطقي ، فيقال عنخ في المثل العربية:"أحمق من هبنقة"..