بقلم الأستاذ حميد طولست
عيد أضحى آخر يحل علينا ، ليذكرني بعام
جديد سينضاف بعد أيام إلى عدد الأعوام التي مرت علي مند اليوم الذي انطلقت فيه أنفاسي
، ساعية إلى الوجود والتواجد في الحياة ، عام آخر ستنطفئ شمعته ليصل عدد الشموع المنطفئات
إلى واحد وسبعين شمعة زائد واحدة سينطفئ وميضها هي الأخرى بعد أيام قليلة، لتعلن انتهاء
العام الثاني والسبعين عاما من عمري ، مذكرة إياي بأني بلغت سنا لا مجال فيه للغرور
والوهم والخيال والغرور ، ولا مكان فيه للكذب والنفاق ، ولتدفع بي لتدشين مشوار عام
جديد سيبرق نوره في سماء الأعوام الجديدة ، لستُ ادري هل سيكون سعيدا طريقه ، يملأ
النجاح مساره ، ويزخر كسابقيه باللعب واللهو والمرح والحب والعطاء؟ أم سيكون عرضة للفشل
؟ لا أدري ؟ لأني لازلت في نهاية العام ، ولم يبدأ العام الجديد الذي ربما سيمضي فيه
الزمان مكدسا بالحيرة والتيه ، ومع ذلك ، فلن أكون متشائما ، ولن أحزن ، أو أتأسف على
مضي العمر وانقضاء الأيام ، ولن أنتحب مع مطرب الاكتئاب فريد الأطرش ولن اغني أعنيته
الشاحبة الحزينة "عدت يا يوم مولدي ، عدت أيها الشقي" ، ولن أبكي مع أبي
العتاهية ، ولن أرتل بيته البالغ الحزن:
"ألا ليت الشبابَ يعودُ يوما .. فأخبرهُ
بما فعل المشيبُ "
لأنه ، لا البُكاء ولا النّحيبُ ، يحميا
العود الغض من اليبوس ، وسأكون متفائلا جدا كما كان شباب في ريعانه ، وسأصيح بصوت عال
وجهور ، بعد حمد الله على الصحة والعافية : "ها أنا ذا لست بالعجوز الكهل ولا
بالفتي اليافع ، لكني مازلت قويا أصارع السنين والأعوام بحيوية وعنفوان ، وأحقق الأحلام بفخر واعتزاز ،
وأنجب الأحفاد -يحفظهم الله -بهمة وصمود ، ضدا في كل من عاداني ، وكل من كرهني ، وكل
من حسدني ، وكل مَن أساء إلىّ ، وآذاني ، والذين أسامحهم في يوم ميلادي، وأطلب المعذرة
من كل مَن تسببت له في أذى غير مقصود أو أدية غير متعمدة ، فليس لدي وقت أضيعه في الكراهية
والانتقام .
وأخيراً أهنيء نفسي بزوجي وأولادي وأحفادي
وباقي أهلي وأحبابي وكل أصدقائي الطيبين و المخلصين ، وكل من سيتذكر تاريخ مولدي ،
وكل من سيهنئني بهذا الحدث الكبير ، وكل من سيهدني كلمة طيبة أو ابتسامة صادقة ، وأقول
لكل معارفي أشكركم جميعا من كل قلبي الذي يحمل لكم وافر الحبٍ و كامل المودة ، وأسعد
الله أيامكم ..