بقلم الأستاذ حميد طولست
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة اندفعت العديد
من الجمعيات المغربية مشكورة ، بشغف كبير واحتفاء أكبر ، لانتقاء مجموعة من الأسماء
النسائية ، لتكريمهن ، الأمر الجليل الذي لاشك يُكتب في سجلاتها بمداد الفخر والتقدير،
رغم أن أغالبيتها مع الأسف الشديد ، اختصر المكرمات في فئة خاصة من الفعاليات النسائية المتميزة ، المنتميات
للعوالم الراقية المختلفة ، العلمية منها والفنية والإبداعية والسياسية والإعلامية،
والرياضية ، والتي شملت في عمومها فقط الوزيرات والكاتبات والطبيبات والمهندسات والمديرات
والمدرسات والممرضات والرياضيات، وغيرهن كثير من الفاضلات المستحقات فعلا للتكريم والتبجيل
، اعترافا بمجهوداتهن ومبادراتهن الخلاقـة ، ويستهلن التقدير والاحترام لمكانتهن وعطائهن
المستمر في مختلف المجــالات والتي لا يتسع المجال لذكرهن جميعا ، ناسية -الجمعيات- أو متناسية في احتفالاتها الكثيرة
وتكريماتها العديدة بمناسبة العيد الأممي للمرأة ، تلك الفئة العريضة من النساء العاديات
التي أهملتها الأزمنة السابقة والمجتمعات الضيقة ، و التي من بينها الأم التي أنشأت
وربت وأعدت وكانت وراء كل الأجيال المتميزة التي تبوءت المراتب العالية التي جعلتهن
يستحقن ما هن فيه من وجاهة وأبهة وشهرة ، أغرت العديد من الجمعيات بالهرولة واللهاث
وراءهن للظهور في مهرجاناتها التكريمية ، وكأنهن
وحدهن من يستحق التكريم والاحتفاء ، بينما هناك من هن أجدر بالتهنئة والتكريم في هذه
المحطة، لتذكيرهن في هذا التاريخية ، ولو ليوم واحد ووحيد، بأنهن يستحقن أغلى وأسمى
صنوف التكريم التي مهما عظمت ، فإنها لن موازي قدر ما أعطين وبذلن من أوقات وجهود ،
وسخرن من مجهودات مضاعفة في مجتمع ذكوري لا يرحم النساء ، للوصول بهذه الأجيال للتميز والشهرة والجاه ، بدل الحرمان مما يستحقن
من التكريمات أكثر من غيرهن ، الذي قوبلن به من طرف الكثير من الجمعيات ، عن قصد أو
بغيره..
وأختم هذه الخاطرة بالمقولة الشهيرة :
"أن لكــل ميدالية وجههـــا الآخــــــر .. ولكــــــل وردة شوكتهــــــــــــا"
، ووجه ميدالية الاحتفال بالمرأة في عيدها الأمم وشوكة وردته ، هو إهمال الجمعيات للنساء
العاديات البسيطات من الأمهات العاملات والمطلقات والأرامل ، رغم عطائهن اللامحدود
من أجل الإعتراف بحق المرأة في الوقوف شامخة فوق منصات التتويج
.
هذه بعض من الحقائق التي تشوب عمل الكثير
من الجمعيات بمناسبة عيد المرأة العالمي ، والتي يراها الكثيرون ويتألمون لها ويتأسفون
عليها، ويضطربون بسببها ، ولكنهم مع الأسف
، لا يفعلون شيئاً لمواجهتها ، فتنتشر ، وتعم كل الجمعيات ، وتتكرر كل عام
.